لو لم يكن ليون دي وينتر كاتباً هولندياً شهيراً ، لاعتقدت على الفور أثناء قرائتي للرواية بأن هذا هو الأسم المستعار لأحد القادة من اليمين الإسرائيلي. روايته الأخيرة "حق العودة" وفرة مدهشة من الواقع الإسرائيلي، هذه الرواية كتبت باللغة الهولندية وترجمت إلى الألمانية ومؤخراً الى الروسية وهذا ما أتاح لي فرصة القراءة. الأهم من كل شيء هو الوصف التفصيلي لكل المخاوف ، والسعي إلى معسكر اليمين منذ بدء الاتفاقات العربية الإسرائيلية.
سنة 2024 وهي السنة التي تدور فيها أحداث الرواية ، كانت نتيجة اتفاقات السلام مع الفلسطينيين بناءً على مبادرة اليسار الإسرائيلي ، أعطى اليهود العرب ليس فقط يهودا والسامرة بل الجليل وحيفا وعسقلان، ومعظم أراضي النقب ـ وحتى القدس. في هذه الأثناء ذبلت الدولة اليهودية في قطاع ضيق من الأراضي بمحاذاة البحر الأبيض المتوسط ، منطقة مسيجة ومحاطة بأجهزة الإنذار الإلكترونية . ومع ذلك لا تزال الهجمات على اليهود مستمرة ـ ويرجع الكاتب السبب إلى أن الفلسطينيين وغيرهم من المسلمين "المتطرفين" يقاتلون من أجل طرد نهائي "للكفار" حسب وصف الكاتب.
رحل الجميع من إسرائيل ، حتى المتطرفين رحلوا ، والقدس كلها عادت للمسلمين . لا يوجد سياح في إسرائيل وأغلقت الفنادق وحتى مراكز التسوق أغلقت ولم يبق سوى بعض المحلات الصغيرة، كبار السن لعدم قدرتهم تحمل مشاق السفر ـ والمجرمين الذين لم بوفقوا في الحصول على تأشيرات سفر ، وبعض من الوطنيين . وبالطبع لن بغادر إسرائيل بطل الرواية برام ميناخايم ، الذي جاء إلى إسرائيل رغم رفض والده . وكنتيجة غير متوقعة أحب بطل الرواية الوطن الجديد وآثر البقاء رغم رحيل الجميع.
“إذن ، هو لم يذهب في رحلة حول العالم، بل استأجر استوديو رخيص في تل أبيب وبدأ على الرغم من نفسه،على الرغم من الانتقادات التي يواجهها، والتوقعات، الوقوع في الحب مع هذا البلد في الفجر والغسق، واسماء البيوت والشوارع، في البحث عن تاريخ شعبها، في الأحلام والآلام والخوف الطبيعي. بقي مع من كان من الممكن أن يغادر. جامعة بريسبان، حيث عاش الكثير من الإسرائيليين ، من عشر سنوات أرسلت دعوة، لكنه لا يريد أن يغادر، والرغبة في مشاهدة هذا السباق الى النهاية" (مترجم من الرواية)
دي وينتر من الطبيعي أنه ليس معادياً للسامية، وبالتالي فإن الرواية تحمل مسؤولية ما حدث ليس فقط لليهود، بل الأصوليين الإسلاميين ومسؤولية الهجمات الإرهابية في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك استخدام قنابل "قذرة"، ومواد مشعة (دمرت واحدة منهم سياتل). وفي الحديث عن كزاخستان ، التي دمرها زلزال، وإقامة دولة الخلافة ( قام دي وينتر، دون مزيد من اللغط ، قام بنسخ تفاصيل من رواية الأفغاني خالد الحسيني "ألف شمس مشرقة") فقد وقع العالم تحت سيطرة حركة التمرد الإسلامية مع مزيد من الإضطرابات، إلا أن هذا لم يشمل روسيا، حيث أن فلاديمير بوتين ما زال قابضاُ على زمام الأمور، بل وعلى العكس، يوجه دعوة للإستفادة من التجربة الروسية ومن حنكة الرئيس بواتين.
"تعلموا من فلاديمير بوتين! إثنان وسبعون عاماُ، زعيم عظيم، يفهم السلطة. ثماني سنوات في الرئاسة، ورئيس وزراء أربع سنوات، ثم ثماني أخرى في الرئاسة وأربعة في رئاسة الوزراء. أين الشيشان الآن؟ وأين اذربيجان؟ وبعد بضع سنين وكازاخستان أيضاُ روسيا" (مترجم من الرواية)
عبدالله عمر © 2011